الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد
هذا حديث لم يختلف عن مالك في إسناده فيما علمت ورواه كما رواه مالك سواء عن هشام بإسناده هذا جماعة من الأئمة الحفاظ منهم الثوري وابن عيينة والقطان وغيرهم وقد رواه معمر عن الزهري عن عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث هشام سواء وقد روى هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم أبو هريرة كما روته أم سلمة.وفي هذا الحديث من الفقه أن البشر لا يعلمون ما غيب عنهم وستر من الضمائر وغيرها لأنه قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: "إنما أنا بشر" أي إني من البشر ولا أدري باطن ما تتحاكمون فيه عندي وتختصمون فيه إلي وإنما أقضي بينكم على ظاهر ما تقولون وتدلون به من الحجاج فإذا كان الأنبياء لا يعلمون ذلك فغير جائز أن يصح دعوى ذلك لأحد غيرهم من كاهن أو منجم وإنما يعلم الأنبياء من الغيب ما أعلموا به بوجه من وجوه الوحي.وفيه أن بعض الناس أدرى بموقع الحجة وتصرف القول من بعض قال أبو عبيد معنى قوله: "ألحن بحجته" يعني أفطن لها وأحدى بها قال أبو عبيدة اللحن بفتح الحاء الفطنة واللحن بالجزم الخطأ في القول.وفيه أن بعض الناس أدرى بموقع الحجة وتصرف القول من بعض قال أبو بينات على حسبما أحكمته السنة في ذلك وفي ذلك رد وإبطال للحكم بالهوى قال الله عز وجل: {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى} الآية.وقد احتج بعض أصحابنا بهذا الحديث في رد حكم القاضي بعلمه لقوله: "فأقضي له على نحو ما أسمع منه" ولم يقل على نحو ما علمت منه قال وإنما تعبدنا بالبينة والإقرار وهو المسموع الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما أقضي على نحو ما أسمع" قال والعلة في القضاء بالبينة دون
النسخة المطبوعة رقم الصفحة: 216 - مجلد رقم: 22
|